...

ملف الحقوق المدنية والسياسية في مصر … ما بين الهدف والمستهدف

 

 

بقلم : طارق رضوان- عضو مجلس النواب ورئيس لجنة حقوق الإنسان

 

تعتبر حقوق الإنسان من القضايا الحيوية التي تشغل بال العديد من الدول حول العالم، فهي تمثل الأساس الذي يقوم عليه بناء المجتمعات الديمقراطية والمتقدمة. واحدة من هذه الحقوق الهامة هي حقوق الإنسان المدنية والسياسية، التي تشمل حقوق الحريات الأساسية والمشاركة السياسية للأفراد في المجتمع.

 

تعد مصر إحدى الدول التي تولي اهتمامًا كبيرًا لملف حقوق الإنسان المدنية والسياسية. وقد شهدت مصر تطورات هامة في هذا المجال خلال العقود الماضية، حيث تم تبني العديد من الإصلاحات والتشريعات التي تعزز وتحمي حقوق الإنسان في البلاد.

 

من بين الإنجازات التي تمت في مصر في ملف حقوق الإنسان المدنية والسياسية، يمكن ذكر العديد من الأمور. أولاً وقبل كل شيء، تم تعديل الدستور المصري في عام 2014، والذي أدخل تعديلات هامة على الفصول المتعلقة بحقوق الإنسان. ومن بين هذه التعديلات، تم تعزيز حقوق الحريات الأساسية مثل حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الجمع والتظاهر. تمت إضافة أيضًا فصل جديد يحظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

 

بالإضافة إلى التعديلات الدستورية، تم رفع توصية ضمن القائمة الأولية للسيد الرئيس ضمن توصيات الحوار الوطني والتي تنص علي اتخاذ الإجراءات القانونية لتعزيز حقوق الإنسان في مصر. تم إصدار قانون لتنظيم حق الوصول إلى المعلومات العامة، مما يسمح للمواطنين بالوصول إلى المعلومات الحكومية بشكل أفضل وأسرع. كما تم تعديل قانون العقوبات لتشديد العقوبات على جرائم الاعتداء الجنسي والعنف الأسري، بهدف حماية حقوق النساء والأطفال.

 

ومن ناحية أخرى ، تعد مفوضية عدم التمييز من أهم الهيئات التي ينبغي إنشاؤها في مصر، وذلك تطبيقًا للتوصيات الدستورية الهادفة إلى ضمان المساواة وحقوق الإنسان لجميع المواطنين. تأتي هذه المفوضية كإجراء ملموس للتصدي للتمييز والعنصرية والتعصب الذي يمكن أن يؤثر على حياة الأفراد ويعيق تحقيق التنمية المستدامة في البلاد. ويعتبر الدستور المصري من عام 2014 من أبرز الوثائق التي تنص على حقوق الإنسان وحرياتهم، وتعزيز المساواة بين الجميع. وفي الفصل الثامن والعشرين من الدستور، تم توجيه التوصية بضرورة إنشاء مفوضية عدم التمييز، وتم تحديد مهامها وصلاحياتها. وتشمل مهام مفوضية عدم التمييز في مصر متابعة ورصد وتحقيق الشكاوى المتعلقة بالتمييز والعنصرية، سواء كانت تتعلق بالأفراد أو المجموعات المستضعفة. كما تعمل المفوضية على تقديم النصح والتوجيه للجهات المعنية لتطبيق سياسات وبرامج تعزز المساواة وتحمي حقوق الإنسان.ومن المتوقع أن تتمتع مفوضية عدم التمييز بصلاحيات واسعة في جمع المعلومات والبيانات وإجراء التحقيقات، وذلك لتحديد أشكال وأنماط التمييز والعنصرية الموجودة في المجتمع المصري. كما تقوم المفوضية بتقديم توصياتها وتوجيهاتها للحكومة والجهات المعنية، بهدف إصلاح السياسات والقوانين التي تساهم في التمييز.

 

وفي مجال الحريات السياسية، تمت إجراءات هامة أيضًا. تم تعديل قانون الانتخابات لتوفير بيئة انتخابية أكثر شفافية وعدالة، مما يسمح للمواطنين بممارسة حقهم في اختيار ممثليهم بحرية ونزاهة. كما تم تعزيز دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في العمل السياسي والمشاركة في صنع القرار.

 

ومع ذلك، فإن هناك تحديات مستمرة في مجال حقوق الإنسان المدنية والسياسية في مصر. لا يزال هناك مجال لتحسين الحماية وتعزيز حقوق الإنسان.

 

بصفة عامة، يمكن القول أن مصر قد حققت تقدمًا ملحوظًا في ملف حقوق الإنسان المدنية والسياسية. تمت العديد من الإصلاحات والتشريعات التي تعزز وتحمي حقوق الإنسان في البلاد. ومع ذلك، فإن هناك حاجة مستمرة للعمل على تعزيز هذه الحقوق وحمايتها بشكل أفضل، وضمان أنها تشمل جميع الفئات في المجتمع بالمساواة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى