...

ياسر التلاوي يكتب: في بيتنا “متلازمة داون”

الدين لله و” الفلك” للجميع

للأمانة، وبعيدا عن إية مبالغات، لم أتصور أنني سأجد مثل هذا المكان في مصر، نعم الأمور تغيرت في السنوات الأخيرة وأصبح هناك اهتمام بذوي الهمم، لكن فئة منهم كانت في حاجة إلى اهتمام أكثر، وأعني بها ” أبطال متلازمة داون”.

هذه الفئة تحديدا وماتعانيه من مشاكل، هي وأسرها، كانت في حاجة إلى اهتمام قائم على العلم والتخطيط السليم، وقائم على الإنسانية أولا وأخيرا.. كانت تحتاج إلى مايمكن اعتباره “سفينة نوح” لإنقاذها.

السفينة تم تجهيزها وحضرت بالفعل في إحدى قرية محافظة الغربية وأقلت هؤلاء الأطفال بقيادة الربان الأنبا بولا مطران طنطا وتوابعها، ولم يكن مستغربا أن يطلق على المشروع الذي أسسه اسم” الفلك” مايشير بوضوح إلى الدور الإنساني المهم الذي يلعبه.

عندما ذهبت إلى “الفلك” في قرية حصة أكوا بالغربية، أدركت أن الدنيا مازالت بخير، طالما وجد بشر خيرون يعملون دائما لصالح غيرهم، وخاصة أولئك الذين بحاجة فعلية لأن تمتد إليهم يد حانية ترعاهم وتعمل على تنمية قدراتهم الذهنية والجسدية..كنت أدرك المعاناة الشديدة التي تقع على عاتق الأسر المصرية التي رزقها الله أطفالا مصابين بمتلازمة داون ومايتكبدونه من مشاق من أجل رعايتهم والاهتمام بهم فالأمر صعب جدا واختبار من الله شديد الصعوبة يكاد يكون أشد صعوبة من أصحاب الإعاقة الجسدية فكافة أشكالها .

في الفلك ” هذا المشروع غير المسبوق في الشرق الأوسط، ظننت أنني ذهبت إلى إحدى الدول الأوروبية المتقدمة، فكل شئ هنا قائم على العلم والتخطيط السليم، بناء على أروع مايكون، ومنشآت تلبي حاجة هؤلاء الأبطال، ورعاة يواصلون الليل بالنهار من أجل إسعاد هذه الفئة الغالية علينا جميعا، بل ومن أجل الأخذ بيد أسرهم وتدريبهم على كيفية رعاية أولادهم والعناية بهم.

كنت وأنا أتجول بصحبة راعي ومؤسس الفلك الأنبا بولا كما لو أنني في حلم، شئ يدعو إلى الفخر والسعادة والاعتزاز حقا، مؤسسة متكاملة تقوم كل أنشطتها على الخير، وتقدم كل أنشطتها بالمجان، لاتمييز بين مصري وآخر، فالكل هنا واحد، والغرض في النهاية توفير بيئة آمنة وصحية لهؤلاء الأبطال من أجل تدريبهم وتنمية قدراتهم وتأهليهم للاندماج في المجتمع.

مصانع صغيرة وورش لتعليم الأبطال بعض الحرف والمهارات، وملاعب على أحدث مستوى لممارسة الأنشطة، وغرف علاج مجهزة بأحدث التقنيات، ومتخصصون، كل في مجاله، يمارسون عملهم بكل دأب وكل محبة.

علمت من الأنبا بولا أن زيارات عديدة تفد إلى الفلك، وزراء وفنانون ورياضيون وكتاب وإعلاميون، والكل يدخل ويخرج مثلي منبهرا بماشاهد ولمس على أرض الواقع.

إن هذه المؤسسة العظيمة تحتاج من كل مصري قادر أن يدعمها ويقدم لها كل مايستطيع من أجل أن تستمر وتتوسع ويصبح لها فروع في كل محافظة، وتواصل رسالتها السامية والنبيلة.. معا جميعا من أجل دعم ” الفلك” ورجالها الذين تحركهم إنسانيتهم، وأبطالها من أصحاب متلازمة داون الذين أصبحوا الآن في أمان وهم يعيشون في كنف ” الفلك” سفينة نوح الجديدة التي يقودها الربان الأنبا بولا.. تحية لهذا الرجل النبيل ومؤسسته العظيمة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى