...

يسري حسان يكتب: سواق القطر نفسه مش عارف هو فين..إذن أنت في سويسرا !

 

الغريب أنني كنت أنوي كتابة مقال أشيد فيه بالسكة الحديد،فعلى مدار يومي الأحد والأثنين الماضيين ، كنت أذهب إلى طنطا وأعود منها في غاية الراحة والانبساط،لم أكن أذهب إلى زوجتي الثانية في طنطا حتى لايروح خيالك لبعيد، كما يروح خيال زوجتي ، التي تظن أنها متزوجة من رشدي أباظة.. المسألة أنني مشارك في لجنة تحكيم مهرجان جامعة طنطا المسرحي مع الصديقين المخرج عادل حسان، والمخرج سعيد منسي ،الحاصل على المركز الأول في المهرجان القومي للمسرح ، كما تصر أن تلقبه الطالبة المسئولة عن تقديم المهرجان يوميا.. كل يوم تقدم هذه الطالبة اللطيفة أعضاء لجنة التحكيم قبل بداية العرض المسرحي، وعند سعيد منسي تصر على تقديمه بالمخرج سعيد منسي الحاصل على المركز الأول فى المهرجان القومي للمسرح.. يابنتي خلاص عرفنا وحفظنا والله.

المهم أننا نستقل، يوميا، القطار 923 ،الذي ينطلق من محطة مصر في الرابعة عصرًا ليصل طنطا- تصور يامحترم- في ساعة وربع الساعة فقط،وفي العودة نستقل قطارا روسيا معتبرا وبعشرين جنيها فقط للنفر ويقطع المسافة هو الآخر في ساعة وربع فقط.. في عظمة أكتر من كده.. طبعا مافيش.

الذي حدث أمس الثلاثاء ضيع ماحدث قبله يومي الأحد والأثنين، خرجت عربتان عن القضبان صباح أمس عند دمنهور،عادي بتحصل في أحسن القطارات والقضبان والفلنكات والسيمافورات وكل عدة القطارات، لابأس، ولكن البأس ،كل البأس، أن هيئة السكة الحديد مازالت تعيش في القرون الوسطى،فالأزمة التي حدثت كانت تستدعي أن يديرها بشر لديهم قدر من الوعي والثقافة والرأفة بمخاليق ربنا، يعني حضرتك عندك مشكلة، تمام ،وبتحلها، برضو تمام،وتعرف جيدا أن المشكلة سوف تتسبب في تأخير قيام ووصول القطارات، يبقى المفروض تعلن ذلك حتى يرتب الركاب أمورهم، لكن أحدا لم يهتم ولم يسأل في أم الركاب.

قطار 923 يقوم من محطة مصر بالقاهرة الرابعة عصرا، والركاب على المحطة في انتظار القطار الذي لم يصل، ولاأحد يعرف متى يصل، سألت أحد المسئولين: متى يصل القطار بسلامة الله إلى أرض الوطن؟ فقال : العلم عند الله،وأضاف موضحًا وشارحًا وفاضحًا: تصدق بالله سواق القطر نفسه مايعرفش هو فين دلوقتي”،  وأنا استغربت جدا وقلت بسذاجة مفرطة : طب ماتتصلوا بيه على الموبايل وتعرفوا هو جي امتى، ويبدو أن الرجل تصورني مجنونا فتركني وانصرف وهو يضرب كفا بكف.

المهم أنهم عند الخامسة مساء اكتشفوا أن القطار تأخر ساعة عن موعد قيامه فأذاعوا عبر الميكروفونات أن القطار سيتأخر وعندما يظهر- اقسم بالله قالوا عندما يظهر- سوف يعلنون عن موعد قيامه، ويمكن للركاب استرداد ثمن التذاكر، وعنها واندفع الركاب إلى شبابيك التذاكر، ودارت خناقات وشتائم بينهم وبين بعضهم البعض من ناحية، وبينهم وبين الصرافين من ناحية أخرى، نجحت في الوصول إلى أحد الشبابيك بعد أن حملني عادل حسان فوق كتفيه وأزحنا فى طريقنا عشرات الركاب أو بمعنى أدق ” سحلنا” فى طريقنا عشرات الركاب، لكن الصراف رفض أن يصرف لي مستحقاتي بحجة أن الكود بيعمل إيرور، قلت التذاكر مدون عليها كل شئ، وليس معقولا أنني زورتها، قال ماليش دعوة روح للشباك إللى أنت قاطعها منه، فكررنا التجربة وسحلنا من سحلنا في طريقنا لأنني زهقت من العد، وتكرر نفس الأمر ورفضوا استعادة التذاكر، فاستعوضنا ربنا وهرولنا إلى موقف الميكروباص كالمجانين حتى نلحق بموعدنا، وفي هرولتنا تركنا وراءنا عشرات الضحايا الذين ساقهم حظهم السيئ ووقفوا في طريقنا.

التذاكر مازالت في حوزتي حتى لايتهمني أحد بالمبالغة، مبلغها ليس كبيرا، لكنني أتحدث عن المبدأ، حق الراكب أولا في المعرفة، وكان يجب إذاعة خبر التأخير مبكرا ، خاصة أن الحادث كان صباحا، وحقه ثانيا في استرداد قيمة التذاكر، لكننا في مصر لانعير المواطن أي اهتمام ونتعامل معه كشئ مهمل ليس له أي حقوق .

حادث قطار دمنهور بسيط وكان يمكن إدارة الأزمة باحترافية للعمل على راحة المواطن ، لكن يبدو أن الاحترافية غائبة تماما، أما راحة المواطن أو حقوقه فهي آخر مايفكر فيه المسئولون في السكة الحديد.. لماذا يبقى هؤلاء في مناصبهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى