...

ياسر التلاوى يكتب: رجال لا يعرفون أحجامهم ..الفاسدون يتساقطون

قديماً قالوا : “إذا أردت أن تعرف حقيقة شخص ، فأعطه سلطة” .. والحقيقة أن هذه المقولة الحكيمة تثبت جدارتها وصحتها يوماً بعد يوم .. فقد تختار الأقدار شخصا لتولى منصب مهم، وزير   أو محافظ أو قاض أو سياسي  أو  أن يصبح رجل أعمال كبير أو رئيس شركة   أو غيرها من الوظائف والمناصب المهمة ولا شك أن تولى أو وجود شخص فى منصب من هذه المناصب يثقل عليه الأعباء ما بين أداء لعملك أو تقديم خدمات، ولكن أيا من هذه المناصب له رونقه ونفوذه التى تمكن من فعل أشياء قد لا يستطيع غيره إدراكها.

وهنا يأتى السؤال : هل كل من يتولون هذه المناصب قادرون على كبح جماح مطامعهم ، والسيطرة على وساوس الشيطان والنفس ..الحقيقة أن هناك ضعفاء النفوس الذين يهزمهم شيطانهم ونفوسهم وينزلقون إلى مستنقع الفساد .. فتجدهم يسرقون أو يرتشون أو يزورون أو يستغلون نفوذ للتربح بشتى الوسائل.

فلعل أهم ما يميز مصر منذ ثورة 30 يونيو وتأسيس “الجمهورية الجديدة” أن عنوانها الصريح وشعارها الواضح هو محاربة الفساد وعدم التستر على مخطئ أياً كان منصبه ، فمن فينا ينسى واقعة وزيرة الصحة د. هالة زايد التي ثبت تورط أسرتها في وقائع فساد لا تغفر فكان مصيرها المحاسبة الفورية.

وقبلها تم إلقاء الأمن القبض على صلاح هلال، وزير الزراعة فى ميدان التحرير، بناءً على تعليمات الرقابة الإدارية فى سبتمبر 2015 فى  إعلان واضح وصريح أن هناك تغييرا كبيرا فى مكافحة الفساد وضبط الفاسدين حتى لو كانوا وزراء فى مناصبهم بعد ان كان الوزير فى عهد سابق يفسد ويسرق ولا أحد يستطيع الاقتراب منه لأنه وزير .

ولم يكن صلاح هلال الوزير الاخير ، بل تمت الإطاحة بالوزير خالد حنفى وزير التموين الأسبق بسبب الفساد فى منظومة القمح فى وقتها _قبل 5 سنوات _وتدخل مجلس النواب وحدثت مواجهة بين النواب والوزير انتهت بترك الوزير لمنصبه.

كما تم القبض على هشام عبد الباسط محافظ المنوفية الأسبق وهو فى منصبه بعد مراقبته من قبل الرقابة الإدارية وتمكنت من ضبطه وعدد من رجال الأعمال وبحوزته مبلغ مالى كبير حصل منهم عليه على سبيل الرشوة لتقديم امتيازات لهم .

كما سقطت سعاد الخولي ، نائب محافظ الإسكندرية الأسبق ، في قبضة الأجهزة الرقابية لاتهامها بتحقيق كسب غير مشروع وتم ضبطها اثناء حصولها على رشوة 900 ألف جنيه .

ثم جاء الدور على أسامة هيكل وزير الإعلام الذى تقدم باستقالته بعد أن لاحقه عدد من اعضاء مجلس النواب بطلبات الإحاطة لوجود شبهات فساد أثناء أداء مهامه كوزير للإعلام ورئيس لمدينة الإنتاج الإعلامي، وفضل هيكل تقديم استقالته والخروج بأقل الخسائر .

ولم تقتصر الملاحقة على هؤلاء الوزراء .. بل تم ضبط عدد من رؤساء الأحياء والمدن مثل رئيس حي مصر القديمة الأسبق ورئيس حى 15 مايو الأسبق ورئيس حي بالتجمع الخامس ورئيس حى الدقى الأسبق وعدد آخر من رؤساء الأحياء والمدن.

وإن كان للرجال أحجام فهناك الكثيرون لا يعرفون أحجامهم ولا يدركون خطورة وأهمية المناصب التى هم فيها ، لذلك لا نستغرب إذا وجدنا رجالا كنا نحسبهم من الشرفاء ، ثم إذا بنا نفاجأ بأخبار سقوطهم في قبضة الأمن ورجال الأجهزة الرقابية الذين بكل تأكيد يعلمون ما لا نعلم .. ولا يتركون شاردة أو واردة دون أن يلموا بتفاصيلها تمام …فشكرا لهم.

وفي النهاية تبقى كلمة .. المجد ، كل المجد ، لمن يؤسس لدولة الحق ولا يتستر على فاسد .. فالخطيئة ملازمة لبني البشر منذ بدء الخليقة ، لكن هناك فارقا شاسعا بين من يأوي ويحمي ويتستر على فاسد ، ومن لا يتورع عن محاسبة بل واقتلاع أي عضو خبيث في جسد الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى