...

ياسر التلاوى يكتب :”تختة” للتلميذ أهم من بناء جامع وكنيسة

بداية غير مبشرة بالمرة .. لعل هذا أقل ما يقال فيما شهده اليوم الدراسي الأول ، فكالعادة .. وكأن العام الدراسي يأتي فجأة ، وقعت أحداث مؤسفة تنم عن ارتباك واهمال لا يغفران ، وقد بدأت هذه المشاهد المؤلمة بافتراش تلاميذ احدى المدارس الأرض انتظاراً لتدبير فصول دراسية تستوعبهم ، ومروراً باكتظاظ بعض الفصول بأكثر من 120 تلميذ كما حدث في بعض المدارس الحكومية ، ولكن المأساة التي أبكت العيون بل وأدمت القلوب ما شهدته احدى مدارس الجيزة من انهيار سور سلم المدرسة ما أفر عن سقوط ضحية (ملك) وإصابة 14 طالبة أخرى.

منذ أقل من شهرين استبشر ملايين المصريين خيرا بتولي د. رضا حجازي حقيبة التربية والتعليم آملين أن يصلح ما أفسده سابقوه باعتباره أول وزير “من المطبخ” كما يقال ، فهو بالأساس مدرس بكل ما تحمله هذه الكلمة من مفاهيم فهو على معرفة بمشاكل واحتياجات الطلاب والمدارس والمعلمين ، وزادت جرعة التفاؤل عندما قرر تأجيل الدراسة أسبوعاً ، فذهبت التوقعات على الفور أن الرجل بكل تأكيد يريد بداية قوية للعام الدراسي الجديد وأن يطمئن بنفسه على جاهزية المباني التعليمية لاستقبال التلاميذ.
ولكن بكل أسف ضاعت كل هذه الآمال والطموحات أدراج الرياح إزاء تكرار نفس أخطاء ومشاكل الأعوام الماضية وكأن هذه استراتيجية ثابتة لوزارة التربية والتعليم لا تقبل التغيير أو حتى التنويع ، ففي كل عام يدفع طلاب وتلاميذ أبرياء أرواحهم مرة بسبب سقوط مروحة السقف على التلاميذ ، وأخرى بسبب خلع باب المدرسة ووقوعه فوق التلامذة ، وهذه المرة وفي اليوم الدراسي الأول ينهار سور السلم فوق رؤوس تلاميذ مدرسة المعتمدية بالجيزة بصورة تدفعنا للقول تعددت وقائع الإهمال والموت واحد.

حروب “الصف الأول”

كما أن شكاوى نقص أعداد المعلمين ما زالت تلقي بظلالها القاتمة على العملية التعليمية هذا العام ، والنتيجة استمرار امبراطورية “السناتر” ومافيا الدروس الخصوصية ، وكذلك استمرار معركة الصف الأول التي وصلت في أعوام سابقة إلى درجة استئجار البلطجية واقتحام أولياء الأمور للمدارس والفصول .
وبالمناسبة فلعله ليس من قبيل المفاجأة أن تعرف السبب الرئيسي لسقوط سور سلم مدرسة المعتمدية ووقوع حالة الوفاة وعشرات الإصابات فالمعلومات الأولية تشير إلى أنه جاء بسبب شدة التدافع للتسابق على الوصول مبكراً للفصول لحجز مقاعد في الصفوف الأولى .. فهل هذا معقول ونحن نتحدث عن تطوير التعليم وتخريج أجيال للمستقبل؟

“التختة” أهم من المسجد والكنيسة

نرجو ألا يكون العنوان السابق صادماً للوهلة الأولى ، فنحن نعنيه تماماً ونصر عليه إصراراً كاملاً فمع كامل التسليم بأهمية دور العبادة سواء مساجد أو كنائس ، والتي لا يكاد يمر أسبوع إلا ونقرأ خبر افتتاح عشرات المساجد ، إلا أن واقع الحال يؤكد أن بناء المؤسسات التعليمية أهم 100 مرة من التباهي ببناء المساجد العملاقة والتي لا تمتلئ إلا لنصف ساعة من يوم الجمعة من كل أسبوع.
هذا في حين تتكدس المدارس وتكتظ الفصول بأجساد التلاميذ الذين يتناوبون على مبانيها الضيقة المتهالكة على 3 فترات يومياً .. فهل هذا يرضي الله ، بالطبع لا .. فهذا حق من حقوق الإنسان
بل هو ابسط حق من حقوقه أن يجد الطفل مقعداً أدمياً يليق بإنسانيته في الفصل هذا إن أردنا حقاً بناء الكرامة والأخلاق وزرع الانتماء في نفوس أبنائنا والذي يبدأ من المنزل والمدرسة فماذا عن طفل لا يجد لنفسه مقعدا هل نتوقع منه أن يتلقى تعليماً سليماً أو يكون مواطناً صالحاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى