...

النائبة دينا الهلالى تكتب: السلامة النفسية للمتزوجين.. البناء الصحيح للأسرة

“245 ألف حالة طلاق خلال 2021..حالة طلاق كل دقيقتين..12% منهم يتم الطلاق خلال العام الأول من الزواج وفق بيانات 2020” بالقراءة السريعة لأرقام حالات الطلاق والتي أصبحت مرعبة للجميع، نجد أنفسنا أمام ظاهرة مجتمعية بالغة الخطورة تتطلب التحرك والبحث في كيفية الحد منها وتحليل أسبابها لمنع حدوثها من الأساس، والحقيقة أن الواقع العملي كشف عن ضرورة إجراء الكشف النفسي على طرفي عقد الزواج، للتأكد من السلامة النفسية وخلو طرفي العلاقة الزوجية من أية أمراض عصبية تضر بالحياة الزوجية، وتؤثر سلباً على الأسرة في المستقبل، فضلا عن الأمراض النفسية الوراثية مثل الاضطراب ثنائي القطب، الاضطراب الاكتئابي الحاد، والفصام.

وتحولت الأوضاع الأسرية المضطربة لحالات طلاق متزايدة وكأنها كابوس متنام يؤرق المجتمع، ما يستدعي وضع الآليات التى تساعد على اختيار شريك الحياة وبناء أسرة بالشكل الصحيح، خاصة وأن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشفت أن مصر سجلت أعلى نسبة طلاق فى الفئة العمرية من 30 إلى أقل من 35 سنة؛ حيث بلغ عدد الإشهادات بها 46094 إشهادًا، بنسبة 20.4٪، بينما سجلت أقل نسبة طلاق فى الفئة العمرية من 18 إلى أقل من 20 سنة؛ حيث بلغ عدد الإشهادات بها 441 إشهادًا بنسبة 0.2٪ من جملة الإشهادات، وتحتل القاهرة المرتبة الأولى وتليها بورسعيد والسويس وأعلى النسب كانت بين أصحاب الشهادات المتوسطة وهي أكثر في المدن عن الريف، وهو ما أبدى الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه استياءه منها بتأكيده أن نسب الأسر التي بها حالات انفصال زادت بشكل كبير خلال السنوات الـ 20 الماضية داعيا لمناقشة قضايا الأسرة بأمانة وحيادية ودون مزايدة خاصة أن الاختلاف قبل الزواج أفضل من الاختلاف بعد الزواج.

والحقيقة أن فكرة الكشف النفسي للمقبلين على الزواج كشرط أساسي لعقد القران ليس بدعة بل أمر لجأت إليه الحكومة الماليزية، إبان فترة رئيس الوزراء مهاتير محمد، لوضع سياسة حازمة للحيلولة دون تفاقم مشكلة الطلاق في المجتمع الماليزي، والتي بلغت نسبة الطلاق ذروتها في تسعينيات القرن الماضي ووصلت إلى حد 32%، أي أن ضمن كل 100 زيجة هناك 32 حالة تفشل، ما حدا بالحكومة إلى إصدار تشريع خاص بالزواج، بموجبه يلتزم كل طرف يرغب في الزواج من الجنسين بالخضوع إلى دورات تدريبية متخصصة داخل معاهد خاصة يحصلون بعدها على رخصة تسمح لهم بعقد القران، مما مكن ماليزيا أن تصبح من أقل دول العالم في نسب الطلاق، بمعدل أقل من 8%، فيما صارت ملفات عقد القران لا تخلو من وثيقة «رخصة الزواج» إضافة إلى الفحوص الطبية و باقي الوثائق المتعارف عليها، وبموجب هذا النظام فإنه يفرض على كل مقبل ومقبلة على الزواج بأن يعفى من العمل لمدة شهر؛ ليأخذ دورة عن كيفية التعامل مع الشريك وكيف يتصرف مع المشاكل البسيطة، وكيف يسعد حياته وشريكه، ويُلزم القانون كل من يرغب في الزواج من الجنسين بأن يخضعوا إلى دورات تدريبية متخصصة يحصلون بعدها على رخصة تخولهم للزواج.

وبحسب دراسة أجرتها ماليزيا، فقد بدأت آثار التجربة الماليزية تظهر بعد عدة أعوام فبحلول عام 2000 وصلت نسبة الطلاق إلى 14.72%، وبعد 12 سنة، وتحديدًا في عام 2004، انخفضت نسبة الطلاق في ماليزيا إلى 7%، وبالنظر للأوضاع اليومية داخل محاكم الأسرة وعدد القضايا التي تنظرها، يجعلنا نشرع في وضع خطة جادة والاستعانة بالتجارب المثيله لنا للحد من تلك الظاهرة ووضع البنيان السليم لبناء كيان الأسرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى