...

 المحكمة : دفاع محمد عادل ادعى أنه مجنون وطلب عرضه على الطب الشرعي

ردت محكمة جنايات المنصورة الدائرة الرابعة بمحافظة الدقهلية علي الدفع بجنون ‏المتهم محمد عادل ‏
واضطرابه النفسي ، وأكدت إنه عن طلب الدفاع عَـرض المتهم على الطب ‏الشرعي لبيان مدى سلامة حالته العقلية واتزانه النفسي ساعة ارتكابه ‏الجريمة،
وجاء رد المحكمة ‏

‏ فلما كان النص في المادة 62 من قانون العقوبات المُستبدلة بالقانون رقم ‏‏71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام ‏قانون العقوبات، قد نص على أنه: “لا يُسأل جنائيًا الشخص الذي يُعاني ‏وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي لفقده الإدراك أو ‏الاختيار، أو الذي يُعاني من غَيبوبة ناشئة عن عقاقير مُخدرة أيًا كان ‏نوعها إذا أخذها قَهـرًا عنه أو عن غير علم منه، ويَظل مَسئولاً جنائيًا ‏الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي ‏أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف ‏عند تحديد مدى العقوبة” وهو نَص مُستحدث تَمَثل في إضافة الاضطراب ‏النفسي للمتهم، إذا ما أفـقده الإدراك أو الاختيار وقت ارتكاب الجريمة، ‏واعتبره سببًا للإعفاء من المسئولية الجنائية، أما إذا اقتصر أثره على ‏الإنقاص من إدراك المتهم أو اختياره فيظل المتهم مسئولا عن ارتكاب ‏الجريمة، وإن جاز اعتبار هذا الإنقاص ظرفًا مُخففًا يَصح للمحكمة الاعتداد ‏به عند تقدير العقوبة التي تُوقَع عليه. لما كان ذلك ولئن كان من المُقرر أن ‏تقدير حالة المتهم العقلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التي تختص ‏محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه لسلامة الحكم يتعين إذا ما أثاره ‏المتهم أن تُجري تحقيقًا من شأنه بلوغ كفاية الأمر فيه، ويجب عليها تَعيين ‏خبير للبَت في هذه الحالة إثباتًا ونفيًا، فإن لم تَفعل كان عليها أن تُورد في ‏القليل أسبابًا سائغة تَبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب، إذا ما رأت من ‏ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم مَسئوليته عن الجُـرم الذي وقع ‏منه. لما كان ذلك فإنَّ المحكمة بمُطالعتها للتحقيقات، واستجوابها للمتهم ‏بمُوافقة مُحاميه الأصيل؛ قد استبان لها سلامة حالته العقلية والنفسية وسلامة ‏إدراكه واختياره، قبل ووقت ارتكابه جريمة قتل المجني عليها وفي أعقابها، ‏وذلك من إدراكه لِمَا خَطَط له، واختياره الاختيار الأمثل – من وجهة نظره ‏‏- بين البدائل التي قد تَتعارَض أمامه فـي تنفيذه لمُخططه، وما يَحتاجه ذلك ‏الاختيار بين البدائل من قَدر من التفكير والتقييم والخبرة والكفاءة لاختيار ‏البديل الأمثل؛ حتى وصل لتنفيذ مُخططه الإجرامي على النحو الحاصل ‏يُستدَل على ذلك، مما اعترفَ به المتهم في الصحيفتين السابعة عشرة ‏والثامنة عشرة من التحقيقات من أنه خَططَ لجريمته منذ رمضان الماضي، ‏ومن هذا التخطيط، أنْ
كان اختياره لأداة الجريمة سكينًا جديدًا حادًا وليس سلاحًا آخر، ومن ‏تفكيره في هذا السلاح بالذات وتَرجيحه على ما عَداه أدوات القتل ‏‏(تَستخلص المحكمة من ذلك أنَّ المتهم اختار هُنا بين البدائل بصَدد أداة ‏ارتكاب الجريمة عن وعي وإدراك لأسُس هذا الاختيار) يُؤخذ ذلك من ‏تعليله لهذا الاختيار بالذات، بكونه يَعمل طباخًا ويُتقن استخدام السكاكين، ‏ومن اختياره مكان وزمان التنفيذ، وهو أيام امتحانات الفصل الدراسي ‏الثاني من العام الجامعي الجاري بجامعة المنصورة (تَـستخلص المحكمة ‏من ذلك أنه هُنا اختار بين بدائل مكان وزمان ارتكابه للجريمة عن وعي ‏وإدراك لأسُس الاختيار) ومن تبريره لهذا الاختيار من أنه كان على يقين ‏أنَّ المجني عليها ستحضر لأداء هذه الامتحانات، وعلمه السابق بأنها لم ‏تكن تحضر في أيام الدراسة نظرًا لسفرها إلى القاهرة وشرم الشيخ، كما ‏أنه اختار عدم تنفيذ جريمته في الحافلة التي وَجَد فيها المجني عليها في ‏اليوم الذي حَسَم فيه أمره وقرَّر قتلها، بعد أن رَاودته هذه الفكرة، (تَستخلص ‏المحكمة من ذلك، أنه اختار هنا بين البدائل لمكان ارتكابه الجريمة، وإنه ‏وقد فكَّرَ في تَغيير المكان من الحافلة إلى الجامعة – على هذا النحو – فإنه ‏يكون عاقلاً واعيًا سليم النفس مُدركًا لأسُس الاختيار) فاطمأنت المحكمة – ‏إذن – إلى أنه كان مُدركًا أنَّ الحافلة ليست المكان المناسب؛ لا سيما وأنه قد ‏علَّل ذلك، باحتمال عدم تحقق هدفه وهو قتل المجني عليها، إذا ما تَدخل ‏الركاب وحالوا دون ذلك، فاختار المكان الأنسَب وهو خارج الحافلة، عندما ‏نزلت منها المجني عليها وتَرجلت تجاه باب الجامعة، مما يقطع بإدراكه ‏للبدائل المَطروحة أمامه، واختياره الأفضل منها، يُضاف إلى ذلك، ما ‏اعترفَ به بالصحيفة الثالثة عشرة من أنه عندما حاول البعض إقصائه عن ‏المجني عليها وهو يُسدد لها الطعنات في جسمها، هَددهم بالسكين حتى لا ‏يُخلِّصوها منه ثم عاد إليها بعد تَهويشهم وذبَحها من عُنقها (تَستخلصُ ‏المحكمة من ذلك، أنه هُنا قد اختار التهديد والتلويح فقط، دون إيذاء ‏الآخرين، لِعِلمِه بمَقصده ومُبتغاه منه سَلفًا وهو إزهاق روح المجني عليها ‏فقط) مما يَدُل على سلامة حالته العقلية والنفسية، وأنه اختار ألاَّ يُورد نفسه ‏مَهالك أكثر بتعديه على غير المجني عليها المقصودة، فهو مُدرك أنه ليس ‏لديه الدافع للتعدي على هؤلاء، فلو كان مُعتلاً عقليًا أو نَفسيًا لاعتـدَى على ‏أي منهم ولـو بأقـل قـدر من الاعتـداء، وذلك يَدل في يقين المحكمة على ‏وعيه وإدراكه لأسُس الاختيار وسلامة حالته العقلية والنفسية وكذلك ما ‏اعـترفَ به المتهـم من قيامـه بإرجاء تنفيـذ جريمته إلى ما بعـد الامتحان ‏الأول والثاني؛ لكي تَظُن المجني عليها انصراف نيته عن النَيل منها – أو ‏تَتوهَم ذلك – ليتمكن من تدبير أمره على نحو أفضل يُحقق هدفه وهو قتلها، ‏يُستفاد ذلك من إجابته في الصحيفة التاسعة عشرة على سؤال وجَّهتهُ إليه ‏النيابة العامة: “لماذا استقرَّ اختيارك على ثالث أيام الامتحانات إذَن دون ‏اليَومَين الأولَين؟” فقال: “لأنْ أنا كُنت خايف إنْ يكون مِعاها حَد من ‏أصحابها أو أهليتها، ولأنْ هي كانت عارفة إني مِش هَسكت، فقلت لازم ‏أطمِنها لحَد ما أتمكن من تنفيذ اللي أنا عايزه” (تَستخلص المحكمة من ذلك ‏أنَّ المتهم قد اختار هُنا بين بدائل تَواردت على ذهنه بصَدد الوقت الأكثر ‏مُناسبة لارتكاب جَريمته، وماهية الظرف المناسب ليُؤتي سلوكه المادي ‏ثماره وهو إزهاق روحها، حتى لا يكون ثمة مانع يحول بينه وبين إتمامه، ‏مما يَدلُ في يقين المحكمة على وعي المتهم وإدراكه لأسُس الاختيار بين ‏بدائل مُتعددة كانت مَطروحة أمامه فاختار أنسبَها من وجهة نظره، وهو ما ‏يقطع بسلامة حالته العقلية والنفسية. كما يُضاف إلى ذلك ويُعضِّده، ما ثَبَت ‏في الدعوى مُـنذ فَجر التحقيقات وحتى انتهائها، أنَّ المتهم كان يُجيب على ‏أسئلة النيابة العامة بدقةٍ بالغة وعبارات واضحة، وبكلام مُتناسق مُترابط لا ‏هَذَيانَ فيه ولا تَهاتُر، وجاء اعترافه مُطابقًا تمامًا لِمَا قام به من تمثيلٍ لكيفية ‏ارتكابه الوقعة، ولم يَترك في اعترافه ولا في المُعاينة التصويرية أدق ‏الأمُور، فذكَرَ صغيرها قبل عظيمها، مثل تبريره لاختياره السكين كأداة ‏للقتل، بكَونه يعمل طباخًا ويُـتقن استخدام السكاكين، وبأنه يَعرف كيف ‏يَضرب بها وأين يَضرب، وتعليله لاختياره مَكان الطعنات من جسم المجني ‏عليها، بقوله إنه يعلم المَقاتل من جسد الإنسان، وحَددها – هو – بأنها الصدر ‏من جهة اليسار والفَخذ والعُنُق، كما حدَّدَ (في اعترافه بجلسة المحاكمة) ‏المسافةَ بين المحلة الكبرى والمنصورة بالحافلة وهي نصف الساعة، ومن ‏وتهديده للمجني عليها برسائل تَقطع بأنَّ كاتبها يَتمتع بحالة عقلية ونَـفسية ‏سليمة، وبعبارة تدل على ما عَقد العزم عليه وقام بتنفيذه بالفعل وهو “القتل ‏ذَبحًا” بدافع الانتقام، ومن روايته تَفاصيلَ علاقته بالمجني عليها خلال ثلاثة ‏أعوام مَضَت، ومن خُطته الإجرامية التي بدأ التفكير فيها – منذ عام ونصف ‏‏- والتي اختمرت تمامًا في رمضان الماضي، ومن إرجائه التنفيذ في بداية ‏الامتحانات، حين فكَّـرَ وخَشِي أن يكون معها مرافقًـا من أهلها، وإدراكه أن ‏هذا الإرجاء من شأنه أن تَشعُرَ معه المجني عليها بالأمان مُؤقتًا من ‏تهديداته، ومن روايتـه الدقيقـة الواعيـة لجِماع ما تَقـدم في تحقيقات النيابة ‏العامة وتمثيله الجريمة حُرًا مُختارًا في مُعاينة تصويرية حضرها محاميه ‏
ومن اعترافه بالتفكير في اختياره حِيلة تطمئن معها ضحيته إلى الأمان ‏ليتمكن منها جيدا، وهي حُضوره جلسة عُرفية قضَت بمَنعه من مُلاحقتها ‏ومُضايقتها عَبر وسائل التراسل الاجتماعي، ثم تَظاهُره بالاستجابة إلى ما ‏ألزمته به هذه الجلسة العرفية، في الوقت الذي كان يُضمِرُ فيه قتلها، وهي ‏أحداثٌ لا يُخَطط لها، ويَختار بين البَدائل منها، ويُنفذها، وبَعد ذلك يَتذكرها ‏ويَرويها بدقة، إلاَّ عاقل مُدرك غير مُعتَل العقل ولا مُضطرب النفس، الأمر ‏الذي يكون معه قد وقَرَ في يقين المحكمة أنَّ المتهم مَسئولٌ عن جُرمه، وقد ‏اقترفهُ وهو حافظٌ لشُعُوره واختياره، وفي حالة عقلية ونفسية مُنزَهة عن أي ‏مَرض أو اضطراب ، مما لازمه رَفض المَحكمة طلب الدفاع في هذا ‏الصدد. ‏
‏ ‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى