...

ياسر التلاوي يكتب: مكتوب عليك الفقر يامصري!

يبدو أنه كتب على المصريين أن يعيشوا في فقر دائم امتد طوال تاريخهم، لا نقول أيام الملكية،أو أيام الجمهورية، ولا نقول أيام المماليك أو العثمانيين أو الإنجليز ..التاريخ يشهد أن حياة المصريين لا تخلو، فى أى فترة من الفترات، من الفقر، دائما وأبدا يعيش أغلب المصريين فى ضنك وسواد، رغم ماتمتلكه بلادهم من خيرات.
أيام الملكية كان المصرى الذى يمتلك حذاء أو “شبشب” يعتبر من الميسورين، كان اكثر من ٨٠% من القرى و الأرياف بدون كهرباء ومياه شرب وصرف صحى، واستمر الحال حتى أواخر عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
الواقع يقول إن مصر تعانى طوال تاريخها من معضلتين كبيرتين، الأولى الزيادة الكبيرة فى عدد السكان والتي لا تتناسب مع الموارد، حتى عندما كان عدد سكان مصر ١٥ أو ٣٠ مليون نسمة لم تكن الموارد كافية ، خاصة أن قناة السويس لم تكن قد أنشئت بعد، كما أن السياحة لم تكن بالمعني المفهوم الآن ، فضلا عن غياب فكرة التصنيع. المعضلة الثانية هي السرقة ، فقد تعرضت مصر لسرقة كبيرة من مواردها، خاصة فى ظل الاحتلال ،سواء الرومانى أو الانجليزى، كانوا يسرقون القمح، الغذاء الاول للمصريين ويتركون الشعب جائعا، حتى الآثار سرقوها وتزين متاحفهم الآن، وتمتلئ بها مزاداتهم.
لقد أدرك أمير الشعراء أحمد شوقي معضلة الفقر التي تضرب المصريين عندما قال:
لا الفقر بالعبرات خص ولا الغنى ** غير الحياة لهن حكم مشاع
ما زال في الكوخ الوضيع بواعث ** منها وفي القصر الرفيع دواعي
في القفر حيات يسيبها به ** حاوي القضاء وفي الرياض أفاعي
ولرب بؤس في الحياة مقنع ** أربي على بؤس بغير قناع
وقال أيضًا:
فلو طالعت أحداث الليالي ** وجدت الفقر أقربها اتنيابا
وأن البر خير في حياة ** وأبقى بعد صاحبه ثوابا
وأن الشر يصدع فاعليه ** ولم أر خيرا بالشر ابا

كماقال:
إذا لم يكن المرء عن عيشة غنى ** فلا بد من يسر ولا بد من عسر
ومن يخبر الدنيا ويشرب بكأسها ** يجد مرها في الحلو والحلو في المر
إن المصري يعيش دائما في غم ونكد وشقاء ،وكأن هذا المواطن هو الذى  تنتطبق عليه الآية القرآنية” لقد خلقنا الانسان فى كبد”، ليس كل المصريين بالطبع، فهناك من يعيشون في ثراء ونعيم، بعضهم من كده وتعبه، والبعض الآخر من طرق ملتوية نعرفها جميعا، وإن كان النبلاء وأصحاب الضمير منا يرفضون السير فيها حتى ولو ماتوا جوعا.
إن ما يحزن المصري أن يرى خيرات بلاده تتمتع بها دائما فئة قليلة بداية من المماليك والعثمانيين والاقطاعيين أيام الملك والإنجليز، والرأسماليين فى عهدى السادات ومبارك ، والآن التجار والمستوردون، الذين يسيرون على خطى أغنياء الحرب ويستغلون الأزمة الاقتصادية ويشعلون الأسعار نارا، وكأنها فرصتهم الأخيرة لحصد الملايين بل والمليارات.
التجار والمستورودن ينهبون الشعب المصري ويلهبون ظهره بأسعارهم المبالغ فيها، ولاتصدق من يقول لك إنها الأسعار العالمية، لا ياأخي حكاية الأسعار العالمية هذه أكذوبة،حتى مع اختلاف الدخل هنا وهناك، نعم ارتفعت الأسعار العالمية قليلا لكنها بالمقارنة مع الأسعار هنا لاتقارن، ثم إن أي طفل صغير حتى لو لم يسافر إلى أوروبا وغيرها، يمكنه بضغطة زر أن يطلع على الأسعار في كل دول العالم ليدرك أن المصري منهوب منهوب من قبل هؤلاء اللصوص.
وإذا كان أمثال هؤلاء اللصوص قد سرقوا مصر والمصريين في العصور السابقة في ظل غياب العدل والمحاسبة ، فإننا نثق أن القيادة سوف تتدخل لمواجهة الجشع والطمع من هؤلاء التجار المستوردين وبعض المقاولين الذين جعلوا حلم السكن لأي شاب من رابع المستحيلات،اقرأوا إعلاناتهم التي تقول إن أقل قسط شهري لشقة ثمانين مترا، سبعة أو ثمانية آلاف جنيه، من أين لشاب يبدأ حياته بهذا المبلغ الشهري، ما حجم راتبه ، إذا كان يعمل أصلا، ليوفر منه سبعة أو ثمانية آلاف جنيه كل شهر؟
نريد أن يخرج المصريون من الفقر و لو لفترة قصيرة، نعتبرها هدنة يلتقطون فيها أنفاسهم التي كادت تنقطع تماما..و أثق أن القيادة السياسية ستفعلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى