المستشار أحمد الباز يكتب إدارة الأزمة 1
إن التقدم السريع على مستوى المؤسسات وعلى المستوى التقنى،
والتغيرات السريعة المتلاحقة تؤدى لأنواع متعددة من المواقف الأكثر تعقيداً وغموضاً والتى يطلق عليها الأزمات، والتى يجب التعامل معها للتخلص منها والحد من تأثيرها على البشر أولاً والمؤسسات والأموال.
ومما لاشك فيه أن الأزمات يكون لها العديد من الجوانب السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، والتى يجب التعامل مع كل منها أثناء إدارة الأزمة وتحت ضغطها.
ويصعب التوصل لمفهوم موحد للأزمة وخصوصاً مع إختلاف زوايا التناول،
إلا أنها تشترك دائماً مع بعضها فى مجموعة من الخصائص مثل التهديد للموارد والقيم والأهداف، وضيق الوقت المتاح لإتخاذ القرارات، ونقص المعلومات وعدم دقتها، والمفاجأة والتى يمكن أن تحد من جهود إدارة الأزمة ،
وكذلك إستحواذ الأزمة على إهتمام العديد من الجهات والمؤسسات والأفراد بالإضافة إلى التعقيد والتشابك وتداخل العناصر التى تستوجب مواجهتها خروجاً من الأنماط التنظيمية المألوفة ،
والعمل خارج الإطار التنظيمى لصالح الإدارة الناجحة للأزمة، بالإضافة لتأهل مجموعات العاملين للإلتزام بهذا وتقديم درجات عالية من طاقتهم وإمكانياتهم لمواجهة الظروف الجديدة المترتبة على التغيرات الفجائية والمواقف المتسارعة والتعامل السريع معها لمعاصرة هذه المواقف بالحلول التى تحد منها حتى لو كانت تتم بطريقة مرتجلة نتيجة التحليل السريع لعناصر الأزمة .
ويلعب التدريب على إدارة الأزمات سواء سابقة الحدوث أو الجديدة دوراً هاماً فى الحد من قوة الأزمة وتقليص آثارها.
كما يلعب الدور الإعلامى الذى يقوم به فريقاً مدرباً فى الحد من سوء السمعة الذى يلحق غالباً بالمؤسسات صاحبة الأزمة ، وفى الحد من الشائعات المغرضة التى قد تحتوى على إبتزاز من الآخرين ونحاول فى هذا البحث التوصل إلى مجموعة من أسباب نشوء الأزمات، وكذا تقديم مجموعة من المقترحات لإدارة الأزمات مع توضيح الجوانب الواجب مراعاتها أثناء الأزمة .
أولاً : نحن نعيش فى عالم من الأزمات، عالم الكيانات الكبرى، والصراعات الكبرى، والمصالح المتعارضة، عالم لا مكان فيه لدولة قزمية أو متأقزمة ، ولا إحترام فيه لأى إنقسام أو تشرذم. فنحن نعيش فى عالم ذى إتساع حضارى، يمتد ويتطور وتترسخ دعائمة وتزداد مصالحة يوماً بعد يوم وتتعارض، وعلى قدر إتساعها وإزديادها وتعارضها. تكون أزماته ذات التنوع والتكاتف بشكل متزايد (1) .
هناك العديد من الأزمات التى تواجه المجتمع إما بصفة دورية أو بصفة عشوائية وبالنظر إلى هذه الأزمات نجد إنها قد تسببت فى الماضى فى خسائر وأضرار كثيرة للفرد والمجتمع سواء من الناحية الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية والإدارية.
ولا يخفى على أحد أن تعرض المجتمع للأزمات يهدد بصورة عشوائية ومستمرة فى نفس الوقت التنمية سواء فى جانبها المادى أو البشرى حيث تسبب الأزمات بمختلف أنواعها خسائر فى المنشآت والمرافق العامة والممتلكات والثروات البشرية والطبيعية وتقلل كل هذه الخسائر فى فرص التقدم فى مسار التنمية حيث تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الثروة البشرية للمجتمع وما تمثله من ركيزة أساسية من ركائز الحركة التنموية (2).
تعتبر الأزمات أمراً غير محبب للنفس، وذلك لأنها تشعرك بعدم الاستقرار والتغيير المفاجئ، ما يشعر بالإرتباك والقلق وربما إتخاذ القرارات الإرتجالية والمتسرعة التى تزيد الأمر سوءاً على سوءه (3) .